الثلاثاء، 10 يوليو 2012

آل سعود وعقدة النقص من المصريين!

منذ أن قام إبراهيم باشا بمسح عاصمة أحفاد مرخان -الدرعية- من على الخارطة وآل سعود مرتعبون من عودة مصر لدورها الطبيعي
كان عبد العزيز بن سعود يخشى كثيراً من مكانة مصر ويشعر بالنقص أمام هيبة ملوكها وقد أوصى أبنائه بالحذر الدائم من المصريين
وقد سار أبناء عبد العزيز كل من سعود وفيصل على نفس النهج فكانوا على الدوام يثيرون القلاقل ويحيكون المكائد أمام نهضة مصر
واليوم يسعى آل سعود جاهدين لجعل مصر الجديدة عبارة عن نظام هزيل خانع لهم كما كانوا يفعلون أبان حكم المخلوع حصني مبارك
ربما يتساءل الكثيرين عن السر الذي يجعل آل سعود ينقمون كل تلك النقمة على المصريين ويظهرون كل هذا الحقد والبغض ضد حكام مصر المُستقلين, علماً أن مصر وشعبها هم على مذهب أهل ألسُنة والجماعة وهي بعيدة جغرافياً عن السعودية وليس لها تماس حدودي مع مملكة آل سعود, فلماذا يستهدفون مصر تحديداً ويتحسسون من دورها الإقليمي بينما يوفرون حقدهم ومكرهم ويتجاهلون العدو الصهيوني!؟
الحقيقة أن عقدة آل سعود من الدور المصري قديمة وموغلة فهي تعود لأيام حكم محمد علي باشا الذي سقاهم كأس المر والهوان فأسقط دولتهم الفتية وحكم جزيرة العرب لمدة 23 عاماً, حيث استطاع ولده البكر إبراهيم باشا أن يزيل الحكم الوهابي بحد السيف ويهدم عاصمتهم الدرعية, فجعلها أثراً بعد عين.
ليس هذا فحسب بل جلب إبراهيم باشا أميرها المهزوم عبد الله بن سعود أسيراً لمصر هو وحريمه ورهبان كنيسته من أسرة آل الشيخ, ولهذا أصبح المصريين يمثلون كابوساً رهيباً بالنسبة لآل سعود, كيف لا وهم من أنهى حكم أسرتهم الأولى وحمل حاكمها عبد الله بن سعود ذليلاً مُهاناً إلى اسطنبول ليعدم هناك بالخازوق العصملي أمام مسجد آيا صوفيا في اسطنبول.
كانت دولة الخلافة العثمانية في حينها قد سئمت من تعديات الوهابيين فأرسلت لهم كيخيا العراق (الكتخدا علي) ليزيل إمارة الوهابيين الذين عاثوا في طريق الحج قتلاً وفساداً, وبدؤوا يغيرون على تخوم العراق وينهبون مدنه وقراه ويقطعون سبيل المارة, ففشل الكخيا علي بسبب تخاذل ضباطه وشراء ذمم بعضهم من قبل سعود بن عبد العزيز, وكذلك بسبب تآمر أحد بشوات الكيخيا وهو عبد العزيز الشاوي مع ابن سعود, فآثر كيخيا العراق الانسحاب بعد أن أدرك أن النصر لن يكون حليفه, ولهذا سلم عبد العزيز وولده سعود من الفناء المحتوم, لكن سرعان ما أرسلت دولة الخلافة العثمانية الأوامر إلى والي مصر الصنديد محمد علي باشا ليقوم بالمهمة ويقضي على تلك الشرذمة الباغية التي عاثت في الأرض فساداً.
وقد نجح ولده إبراهيم لاحقاً بالقضاء على حكم آل سعود, ولهذا يحق لهم ليوم وغداً الخوف والرعب من عودة الدور المصري إلى الريادة, فما فعله إبراهيم باشا بآل سعود وآل الشيخ ولدت لديهم ولدى أبنائهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم عقدة نقص أزلية باتت تقض مضاجعهم وتطاردهم وتجعل قلوبهم ترتجف في حال نبوغ أو ظهور لأي نهضة مصرية.
وما دعاني اليوم للكتابة في هذا الموضوع التاريخي, هو ترويج الصحف السعودية لخبر زيارة الرئيس المصري الجديد محمد مُرسي إلى السعودية, وإدعاء وسائل إعلام آل سعود أن مرسي قرر أن يزور السعودية كأول محطة له بعد فوزه بالانتخابات, مُلمحين على أن رئيس مصر بات مرغماً على المجيء إلى السعودية وهو صاغر لإبداء الولاء لملكها المهبول!
ومما يؤكد ذلك الزعم المريض هو قيام صحيفة الشرق الأوسط السعودية المملوكة لولي العهد السعودي سلمان بن عبد العزيز, بنشر خبر على واجهة الصحيفة يبشر بزيارة الرئيس مرسي المُرتقبة يوم الأربعاء للسعودية, مع وضع صورة مهينة ومتعمدة لمؤسس حركة الإخوان المصريين حسن البنا وهو يُقبل يد عبد العزيز بن سعود!
وهم هنا يتعمدون إهانة الشعب المصري عندما وضعوا تلك الصورة القديمة والمهينة لحسن البنا وهو مطأطأ الرأس ويُقبل يد عبد العزيز بن سعود, وكأنهم يرددون مقولة خرف دبي الشهير (ضاحي خلفان) الذي قال في إحدى تغريداته على موقع تويتر :
(أن مرسي سيأتي حبواً إلى الخليج وسيقبل يد الملك عبد الله كما قبل حسن البنا يد عبد العزيز)!؟
طبعاً الرئيس محمد مرسي سيبلع تلك الإهانة الصارخة كعادة الإخوان الانتهازيين وسوف يشرب خلفها كوباية مية, لأنهُ الآن في مرحلة ما يُسمى (إذا كان لك حاجة عند الكلب؟ قل له يا سيدي).
لكن للأمانة يجب أن أوضح عدة أمور نصرة لأشقائنا في مصر وشهادة للتاريخ؟
أولاً رغم خلافي وبغضي لمنهج الإخوان المُتزلفين, لكن يجب احترام الرئيس المصري محمد مُرسي, ليس لأنهُ إخوانياً تشبع بمبادئ التملق والانتهازية, ولكن لكونه أصبح رئيساً لجمهورية مصر العربية ونزع عن كاهله رداء الإخوان حتى ولو شكلياً, وعليه وجب التنويه؟
أولاً الرئيس المصري محمد مرسي لم يطلب زيارة السعودية ولا حتى مقابلة الملك السعودي كما روجت صحف وعبرية آل سعود؟
بل أن السفير السعودي في مصر أحمد القطان بنفسه هو من طلب مُقابلة الرئيس المصري محمد مرسي, وحينما وافق الرئيس المصري على مقابلته, أبلغه تهنئة الملك السعودي, وحمل له دعوة رسمية من قبل الملك عبد الله لزيارة السعودية؟
وأي رئيس في العالم مهما كان فجاً وممتعضاً أو غير آبه, لا يستطيع رد دعوة وجهت له من قبل ملك يزعم أنهُ خادم للحرمين, وهذا لا يعني تأييدي لموافقة مرسي على لقاء من تآمر ويتأمر على مصر صبح مساء, ولكن هو توضيح للقراء ولبعض السذج التي طاروا وصدقوا أن مرسي سيحط رحاله ويقبل يد الأطرم عبد الله كما فعل حسن البنا, وصدقوا البروغاندا السعودية الرخيصة.
ومن لا يصدق ما أقول؟
ليرجع لتصريح السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان, الذي قال بلسانه أنهُ هو من حمل الدعوة الرسمية الخاصة من قبل الملك عبد الله للرئيس المصري محمد مرسي لزيارة السعودية ومقابلة الملك السعودي, وقد وافق الرئيس المصري وحدد لهم اليوم المُناسب.
هذه النقطة الأولى التي وجب توضيحها وفضح أكاذيب الإعلام السعودي الرخيص, أما الأمر الآخر وهو مُحاولة إظهار المصريين على أنهم مُتهالكين وتابعين خانعين لآل سعود من خلال وضع صورة حسن البنا وهو ينحني لتقبيل يد عبد العزيز؟
فصحيح أن هنالك بعض المصريين ممن أدمنوا التملق ومازالوا يتملقون آل سعود وهم مستعدون للعق الجزم في سبيل الحصول على طفسة ريالات سعودية, وشعارهم الدائم (أكل العيش صعب والرزق يحب الخفية), ولكن غالبية أبناء الكنانة شرفاء وكرماء نفس وأصحاب عزة وسمو ولن يرضوا بالذل والهوان, ودلائل التاريخ ثابتة وواضحة, فمن استرجاع أراضيهم المُحتلة من قبل إسرائيل إلى خلعهم للطاغية مبارك وكلها دروس وعبر مصرية عظيمة في مبادئ العزة والكرامة موجهة لكل فاقدي الشرف والكرامة.
والسؤال هو هل يُمثل حسن البنا من خلال تلك الصورة المزرية الشعب المصري؟
بالقطع لا؟
فحسن البنا لم يكن حاكماً لمصر, ولم يكن ملكاً عليها أو رئيساً ولا حتى وزير؟
كان مواطناً مصرياً بسيطاً وطامحاً وقد استُغل ابشع استغلال من قبل زبانية ابن سعود, وذلك من خلال أحد ابناء جلدته المُستخذى سعودياً وهو حافظ وهبة؟
وحافظ وهبة هذا مواطن مصري ولكنه شخص انتهازي رخيص, سبق وأن عاش في الكويت ودعم الشيخ الجليل محمد الشنقيطي في تحريض الكويتيين على الإنجليز, وحينما جد الجد وأتت الأفعال ذهب الشيخ الشنقيطي يُقاتل مع جيش الدولة العثمانية ضد الانجليز في معركة الشعيبة في البصرة, بينما تملص حافظ وهبة وهرب لاحقاً إلى عبد العزيز بن سعود وأصبح أحد زبانيته وأحد مراسيله إلى الإنجليز!!
إذن حسن البنا فقد اُستغل من قبل أبن جلدته حافظ وهبة لغرض تجميل صورة عبد العزيز بن سعود هذا من خلال الترويج له ومنحه هالة وقدسية لدى بسطاء المصريين ليكون خليفة مزعوم للمُسلمين, وبهذا يسحب البساط من تحت أقدام الملك فؤاد ويهمش دور مصر التي تقلق آل سعود.
وهنالك من يعتقد أن الغرض من مهمة حافظ وهبة هي دعم التنظيمات الإسلامية في مصر كي ينشغل الملك فؤاد بشؤونه الداخلية ويتورط مع جماعة الإخوان وغيرها من تنظيمات إسلامية, لكي يذوق ما ذاقه عبد العزيز مع إخوان من طاع الله.
وهنالك من يعتقد أن مهمة حافظ وهبة كانت مُجرد مهمة رسمية عادية الغرض منها جلب مُدرسين مصريين ملتزمين دينياً لغرض غسيل أدمغة أتباع إخوان من طاع الله المُتشددين ولا يقدر على تلك المهمة سوى مطاوعة مصر المُنفتحين, لكن من يعرف شخصية ودور حافظ وهبة لن يحسن الظن أبداً في أدواره الخبيثة.
ولهذا كانت علاقات الخبيث حافظ وهبة ممثل عبد العزيز الخاص وثيقة جداً ووشيجة ببعض مشايخ مصر مثل الشيخ رشيد رضا والشيخ محب الدين الخطيب, بل ساعد حافظ وهبة الشيخ أحمد البنا مالياً وقام بتمويل طباعة كتابه (فتح الباري) وهو بالمناسبة والد الشيخ حسن البنا, إذن حينما نرى تلك الصورة الأرشيفية التي يظهر فيها حسن البنا وهو يُقبل يد عبد العزيز فقطعاً هو لا يمثل إلا نفسه, ولعله كان يرد المعروف السعودي بطريقته الخاصة.
لكنه قطعاً لا يمثل الشعب المصري العزيز الكادح ولا يتحمل أبناء المحروسة ولا حتى الحكومة المصرية تبعات أرشيف الخضوع وتقبيل الأيادي, ولكن اختيار صحيفة الشرق الأوسط لتلك الصورة المهينة تحديداً وفي هذا التوقيت حصراً, كان القصد منها الإيغال في الإهانة وتعميم الاساءة على كل المصريين الأغيار, وعليه فمن حق المصريين أن يردوا على تلك الإهانة المُتعمدة والمزرية, فلديهم أرشيف كامل وعدد كبير من رسائل التذلل والاستخذاء السعودي التي كان يرسلها عبد الله بن سعود لسيده محمد علي باشا, وكذلك خطابات عبد الله بن فيصل بن تركي إلى سيده الخديوي عباس, وكلها ممهورة ومختومة بتوقيع خادمكم وعبدكم المطيع ابن سعود, وبإمكان أي باحث أو أي صحفي مصري يذهب إلى المتحف المصري ويظهر للقراء مدى الاستخذاء السعودي والتوسل والإذلال لحكام وملوك مصر.
بل أيام حكم الملك فاروق كان لا يجوز جلوس أمراء آل سعود باستثناء أبيهم عبد العزيز في حضرة الملك فاروق, وهنالك صورة للملك فاروق وهو يجلس على الكرسي وخلفه يصطف الأمراء السعوديون على رأسهم فيصل بن عبد العزيز, وهنالك صورة يظهر فيها من يقبل يد الملك فاروق.
وربما ما ذكره عبد الله بن فيصل صاحب مغامرات الفسق والمجون الشهير, حينما أراد حضور حفلة أم كلثوم, وصادف أن طاولته كانت بجانب طاولة الملك فاروق, فغادر القاعة ولكن صادف خروجه مع دخول الملك فاروق للقاعة فقام عبد الله بن فيصل بالإنحاء للملك فاروق, وهذا أبلغ رد وأوضح دليل على الخضوع السعودي الكامل لملوك مصر.
أخيراً يلوم الكثير من المصريين وحتى من العرب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي على تغاضيه عن الإساءات والتدخلات السعودية السافرة في الشأن السعودي أبان فترة الانتخابات الرئاسية, ومع هذا قبل دعوة الملك السعودي وسيذهب للقائه رغم الاستفزاز السعودي للمصريين من خلال نشر تلك الصورة المهينة لحسن البنا؟
فأقول وأنا المُحايد, أولاً من حق أي رئيس مصري جديد جاء للسلطة ووجد أن ميزانية البلد في حالة إفلاس تام وأمامه فرصة ومشروع حيوي لحلب البقرة السعودية بحيث يمكن من خلالها أن يعيد الحياة لاقتصاد مصر, فلا يجوز أن يتهاون أو يتأخر ويضيع تلك الفرصة الذهبية.
لأن آل سعود في هذا الوقت العصيب هم من في حاجة ماسة للرئيس المصري محمد مرسي وليس العكس, بينما مُرسي لديه عدة بدائل ربما من أهمها البقرة الإيرانية, وعليه فبدلاً من أن يذهب حليب السعودية إلى لبنان واليونان وووالخ, وتبقى الأموال مرصوفة في بنوك أمريكا وأوربا, فليشرب الشعب المصري من ضرع تلك البقرة المرخانية الهبلة حتى يشبعوا, فهم أخير وأحق من غيرهم وصحتين وعافية.
وأخيراً أقول لجماعة الإخوان اعلموا أن التزلف والانتهازية لن تنفعكم, وأن الكرامة وعزة النفس فوق كل شيء, ومهما تملقتم وحابيتم وانبطحتم لآل سعود سواء الآن أو في السابق أبان المرحلة الناصرية, فقد جاء وقت فركلكم آل سعود وتخلوا عنكم لأنكم تخليتم عن كرامتكم وعن شعبكم في سبيل مصالح دنيوية وخدمة أجندة سعودية, كان آخرها ظهور مرشدكم وهو يقبل يد عبد العزيز!
اللهم لا شماتة والعاقبة للمتقين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2012-07-10

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق